ذات مرة حلمتُ أن أكون مختلفة عن الجميع

أن اكون رسامة ماهرة تنحتُ على القلوب بدل الورق

وتستخدم دمها الأبيض لوناً زيتياً ممزوجاً بالعطر الأحمر

لها نكهة توت وفراولة وتفاح ومختلف الفواكه

وصنعتُ لنفسي فرشاة من السعادة والفرح والذكريات

قصبها من أقحوان الورد ووبرها من أنامل الوفاء

أول افكاري كانت برسم ملامح الوطن من حكايا شهرزاد

ذلك الصدر الحنون الذي يحتويني كل مساء

وتتحمل دموع غربتي وسادته النقية الطاهرة

وأحلامٌ مستنسخة من عمق الماضي راودتني

وبكل هدوء سحبت مني بساط الأشتياق بتراتيل حزينة

وتذكرتُ صباحاتٍ شحت فيها كل الوعود السوداء

وانهارٌ من موتٍ جفت على أرصفتها بعد ان تهدمت كل السدود

لم انتبه لميل الساعة التي قاربت على الضياع

بين ظلام الليل وظلام ذلك القدر الذي رافق وطني ابداً

كــيعقوب أصبحنا نحتاج لذرة عطر من ثياب الوطن

حتى تعود بصيرتنا وتغتسل أدمغتنا المتسخة بدخان مايسمونه إرهاب

وندسَ الوفاء في إعوجاج الأحزان التي غلفت قلوبنا منذ أزمان

لحظتها سمعتُ صوت صفير القطار ...فحدثتُ نفسي التي أودها وأبرها

قطااار .....وفي المساااااء ....؟ لم اعلم انه صوت ناقوس العمر

أتاني ليشيخ معه المطر الحزين الغائب عن أرضي منذ اعوام

شعرتُ بأنني ووطني في ضياع وكأننا لقطاء ولا نمت للحياة بأدنى شبه

ولم يكن امامي سوى خيار واحد ...أن أستقل قطار المساء

فيأخذني معه للأحلام البريئة الطفولية كضيفٍ بلا عودة ولا خوف

ثم رجفَ القلبُ من هذا الحلم وأستيقضتُ وأنا لازلتُ احمل فرشاتي

فلم أجد أي صورة على لوحتي سوى قطارِ المساء بسحابة دخانٍ سوداء

ودموع مغشية عليها من عيونٍ ماتت وهي تنظر للفرح المخبوء في عنق السماء